default وصايا حكيم قبل السفر
مُساهمة من طرف abo shama في السبت 16 أبريل 2011, 8:37 am
أوصى حكيم أعرابي قديم صديقاً له أراد سفراً فقال: "إنك تدخل بلداً لا تعرفه ولا يعرفك أهله فتمسك بوصيتي تكتب لك السلامة، عليك بحسن الشمائل فإنها تدل على الحرية، ونقاء الأطراف فإنه يشهد بكرم المنبت والمحتد، ونظافة البزة فإنها تنبئ عن النشء في النعمى، وطيب الرائحة فإنها تـظهر المروءة، والأدب الجميل فإنه يكسب المحبة، وليكن عقلك دون دينك وقولك دون فعلك ولباسك دون قدرك، والزم الحياء والألفة فإنك إن استحييت من الفظاظة اجتنبت الخساسة، وإن أنفقت من الغلبة لم يتقدمك نظير في مرتبة".
كما أوصت أعرابية ابنها في سفر فقالت: "يا بني إنك تجاور الغرباء وترحل عن الأصدقاء ولعلك لا تلقى غير الأعداء، فخالط الناس بجميل البشر واتق اللّه في العلانية والسر"، وقال الإنجلـــــيز في تراثهم القديم عن المســــافر:
"يجب أن يكون له عينا صقر ليرى كل شيء، وأن يكون له أذنا حمار ليسمع كل شيء، وأن يكون له ظهر جمل لتحمل أي شيء، وساقا معزة لا تتعـــبان من المشــــي، وحقيبــــتان إحـــــداهما امتلأت بالمال والأخرى بالصبر"...
ونورد على سبيل المثال ما ينسب للإمام الشافعي من قوله رحمه اللّه حاضاً على الرحلة والسفر:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفريج هم واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجد
فإن قيل في الأسفار ذل وغربة
وقطع فياف وارتكاب الشدائد
فموت الفتى خير له من حياته
بدار هوان بين واش وحاسد
أما المعارضون للسفر والرحلة فقد عبر عنهم شاعرهم بقوله
تفكر إخوان وفقد أحبة
وتشتيت أموال وخيفة سارق
وكثرة إيحاش وقلة مؤنس
وأعظمها يا صاح سكن الفنادق
فإن قيل في الأسفار كسب معيشة
وعلم وآداب وصحبة فائق
فقل كان ذا دهراً تقادم عهده
وأعقبه دهر كثير العوائق
وهذا مقالي والسلام مؤبد
وجرب ففي التجريب علم الحقائق
فقام أحدهم يجرب السفر والرحلة فقال:
سفر الفتى لممالك وديار
وتجول في سائر الأمصار
علم ومعرفة وفهم واسع
وتجارب ورواية الأخبار
ومن عوامل نجاح أدب الرحلة التي يمكن أن نشير إليها في هذا المقال أن تكون الرحلة مدونة تدويناً موضوعياً بعيداً عن الفرضية وأن يكون الرحالة متصفاً بالنزاهة والواقعية فضلاً عن كونه مزوداً بالعلم والثقافة والمعرفة.
ونظراً إلى هذه المضامين، فقد عد الباحثون أدب الرحلة علماً من العلوم، إذ إن أصحابه ألموا فيه بكثير من المعارف، فتحدثوا عن البلاد التي زاروها، وعن طبيعة الأرض والمناخ والمواقع والحدود والأبعاد والارتفاعات، ولم يهملوا أحياناً البنيان والآثار، وصوروا أحوال السكان وطباعهم وأعيادهم وحرفهم وما يؤدونه من الضرائب، وما كانت تختلف به الألسنة وتتغير اللهجات، فشملوا بذلك مختلف أنواع الجغرافية، ويمكن أن نشير هناإلى ما تزخر به كتابات الإدريسي في "نزهة المشتاق" وابن جبير في "كتاب الرحلة" وابن بطوطة في "تحفة النظار" وناصر خسرو علوي في "سفر نامة" والقاسم التجيبي في "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم"، ومحمد بن عمر التونسي في كتابه القيم "تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان"، إلى غير ذلك من الكتابات الراقية التي تنقل القارئ إلى المناخات والبيئات والأجواء والأزمنة التي كتبت فيها تلك الدراسات القيمة