تقريظ وتعليق:
فضيلة الشيخ/ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
غفر الله لنا وله وللمسلمين
إعداد:
صالح بن أحمد بن محمد الغزالي
الأستاذ المشارك
بقسم الشريعة
كلية الشريعة – جامعة أم القرى
تقريظ:
الحمد لله رب العالمين،
والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد ألاّ إله إلا الله،
إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الصادق الأمين – صلى
الله عليه وسلم– وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد؛
فقد قرأت هذا البحث الذي كتبه الشاب/ صالح الغزالي، ويتعلق بالنشيد الإسلامي، وحكمه، وأدلة الحكم، ومناقشة الأدلة .
وحيث أن فيه اختلاف بين علماء هذا الزمان، وأن هناك نشيد غير إسلامي، وأن الشعر كما يُقال: " حسنه حسن وقبيحه قبيح " .
فقد ترجح لي:
أنه لا بأس باستعمال
النشيد الإسلامي، وسماعه؛ للاستفادة منه، والتأثر بما فيه من المواعظ
والزواجر، كما يحصل التأثر بالخطب البليغة، والنصائح والإرشاد .
وقد أصاب الأخ/ صالح فيما
اختاره غالباً، وقد ناقشته في بعض أدلته، وعلّقت عليه، بما يوضح المراد من
الكلام، ويُعرف منه جواز سماع هذا النوع من الشعر إذا لم يكن مثل الغناء،
ولا مثل سماع الصوفية، وإنما فيه إنشاد هذا النظم بصوت حسن وبوزن وقافية،
وبدون تلحين وتطريب وتغريد، وبقصد الإفادة والمنفعة، لاسيما للشباب الذين
انهمكوا في الانكباب على الملاهي والأغاني، وانشغلوا بذلك عن سماع القرآن،
والذكر والخير، فلا يرعوون، ولا يقبلون نصحاً، فإذا سمعوا هذا النوع من
الشعر انصاعوا إليه، وأنصتوا له، واستمعوا إليه مُصيخين إلى معانيه
ومبانيه، فيُثر فيهم إقلاعاً عن اللهو والباطل، وإقبالاً على الخير،
وتقبلاً للنصيحة .
فلأجل هذا التأثر المحسوس رأينا أهمية صياغة هذا النشيد ونشره في هذه الأوساط ؛ رجاء الانتفاع
به، ومن ثَمّ الإقبال على كتاب الله تعالى، واستفادة منه .
الفصل الأول
حقيقة النشيد:
لبيان حقيقة النشيد لابد من معرفة: معناه وأركانه، ونشأته، وتطوره، وإليك بيان ذلك مفصلا إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره
المبحث الأول
معنى النشيد في اللغة والاصطلاح
المطلب الأول: معناه في اللغة العربية.
النشيد: رفع الصوت . وكذلك المعرف يرفع صوته بالتعريف، فسُمى منشدا ؛ ومن هذا إنشاد الشعر، إنما هو رفع الصوت .
والنشيد - فعيل معنى مفعل -: الشعر المتناشد بين القوم، ينشد بعضهم بعضاً، قال الأقيشر الأسدي:
والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
15/11/1413هــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام الأتمان على أكرم رسله محمد وعلى آله وصحابته، وبعد،
فقد يسر الله لي الكتابة
في موضوع ( الفن ) وأحكامه في الشريعة الإسلامية، ومن مسائله (النشيد
الإسلامي)، وأفردته بالبحث وبشيء من العناية والتفصيل؛ لأهميته، ولكونه من
المستجدات .
وقد يسر الله لي – في وقته
( ذو القعدة 1413هـ) – عرض ما كتبتُ على فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن
الجبرين – جزاه الله خيراً– فكتب على ما كتبتُ تقريظا، وتعليقات منوعة،
منها ما هو تأييد، ومنها ما هو توجيه، ومنها ما يُعد اعتراضاً، وتنوعاً في
الرأي الفقهي .
وقد أثبتتُ كل ذلك في البحث للفائدة، وللالتزام بمنهج الأمانة والعلم، ولا غرابة في أمر الخلاف في المسائل الفقهية والفروع ..
والمسائل المذكورة منها ما هو من قبيل الخلاف السائغ، أو خلاف تباين وتنوع، ومنها خلاف في تحقيق المناط ..
فجزى الله الشيخ خيرا على
ما كتب وعلّق، وما ذكرته من آراء ومسائل اجتهدتُ في ذِكرها بحسب الأدلة
التي عرضتها، ثم المناقشة، واختيار الراجح من كلام أهل العلم، وبحسب ما
علمتُ من القواعد الشرعية في النظر والترجيح.
وإن أكون قد أصبتُ فمن الله وحده، وإن أكون قد أخطأتُ فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان .
والحمد لله أولاً وآخراً
صالح بن أحمد الغزالي
29/6/1430 هــ
فضيلة الشيخ / عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
ومسوف نشد الصبوح صبحته
قبل الصباح وقبل كل نداء
المطلب الثاني: معناه في اصطلاح أهل العصر .،
إلاّ أن له أصولاً قديمة أرجعها المتكلمون على أصله - بحسب رأيهم فيه -
إلى أمرين وتكاثرها بين أيدي الناس في بيوتهم ومركوباتهم، لاسيما
أشرطة(الكاست)، ووجود مؤسسات تجارية متخصصة في نشره تُسمى (التسجيلات
الإسلامية)
الأول
ومثال هذا النوع من النشيد قصيدة محمد إقبال:
الدعاء، ويقصد به أمران:
المطلب الرابع: تطور النشيد والعناية به.
بسبب انتشار الأناشيد
وتكاثرها، وتوفير وسائل سماعها وتسجيلها وكثرتها لدى الناس، حصل التطور
والعناية بالأناشيد في أدائها وسماعها وألحانها وكلماتها ومقاصدها على
النحو التالي:
أ- التطور والعناية بالألحان ويتمثل في أمور أهمها:
1- العناية بالألحان المطربة،وتحسينها كأحسن ما يكون النغم .
2- العناية
بالألحان والأصوات المعبرة، التي تتنوع بتنوع معاني كلمات النشيد ومقاصده،
فللأناشيد الحماسية لحن، وللأناشيد الوعظية لحن،كما بما يقتضى الحال .
3- تخصيص من يُلحن الأناشيد قبل أدائها وإنشادها ممن يتقن ذلك .
4- تدرب المنشد وفرقته على أداء النشيد مرات كثيرة، حتى يتم إتقان اللحن المناسب المطلوب .
5- استخدام الأجهزة الحديثة في التسجيل، لترقيق الألحان أو تفخيمها أو تقويتها أو غير ذلك مما يُحسّن اللحن.
ب- التطور والعناية بكلمات النشيد وتنويعها على النحو التالي:
1- إنشاد الكلمات والقصائد غير الموزونة، في مقابل الشعر المقفى الموزون .
2- أناشيد اللهجات العامية كالأناشيد الكويتية والفلسطينية وغيرها، في مقابل الأناشيد العربية الفصيحة .
3- الأناشيد الأعجمية كالأناشيد الأفغانية والبوسنية والإنجليزية، في مقابل الأناشيد العربية .
4- إدخال كلمات التوجع والتأوه في الأناشيد .
5- استخدام الأصوات المعبرة، كأصوات بعض الحيوانات والجمادات .
ج- تطوير مقاصد النشيد إلى:
1- الأناشيد الترحيبية التي يُحَيّا بها الضيوف والقادمون .
2- الأناشيد الوعظية التي تُرقق بها القلوب .
3- استخدامها في الدعوة إلى الله وتتويب العصاة.
4- استخدامها في جمع التبرعات الخيرية ؛ للإنفاق في سبيل الله – عز وجل - .
5- استخدامها في مناصرة بعض القضايا المعاصرة وبيانها للناس، كقضية فلسطين وأفغانستان والبلقان (البوسنة والهرسك)
6- استخدامها في تعليم الأطفال بعض الآداب النبوية، والتوجيهات الأخلاقية.
7- استخدامها في الدعوة إلى مُناصرة بعض الأحزاب والتجمعات الدعوية .
د- التطور والعناية في إصدار الأناشيد من نواحي عدة، أهمها:
1- تسجيلها في أجهزة التسجيل الحديث، مما أمكن إتقان أدائها بإعادتها وتكرارها .
2- إدخال المحسنات الصوتية لها، كالتكبير والتفخيم والصدى وغير ذلك .
3- عرض الأناشيد مع الصور المعبرة المناسبة لكلماتها، وذلك بتسجيلها في الأجهزة المرئية .
4- التقديم للنشيد بما
يُناسب مع موضوعه، من القرآن الكريم، أو الحديث الشريف، أو الشعر، أو القصة
أو الحوار أو بعض الأصوات المعبرة، كصوت الرصاص والماء والبوم والعصافير .
5- جمع الأناشيد الخاصة بموضوع مُعين وإصدارها في شريط واحد كموضوع الجهاد والمرأة مثلا .
6- تشجيع إصدار الأناشيد بعمل المسابقات والمهرجانات، ورصد الجوائز لذلك .
7- تسجيلها بكميات كبيرة، ونشرها في أماكن كثيرة .
8- بيعها والمتاجرة بها .
9- حفظ حقوق نسخها للجهة المصدرة لها .
المبحث الثالث
أركان النشيد:
الركن هو ما قام عليه الشيء، والنشيد يقوم على ثلاثة أمور: الألحان، والمقاصد، والكلمات، وبتوضيحها تتضح حقيقة النشيد، وهى كالتالي:
المطلب الأول: ألحان النشيد .
النشيد
1- منه
ما يؤدى بتحسين للصوت وتنعيم له، دون تمطيطه ومده على النحو المعهود في
النشيد الآن، بل كإنشاد بعض المنظومات العلمية إنشاداً سريعاً .
2- ومنه ما يؤدى بتمطيط وتحسين وتلحين غير متكلف، كنحو ما يفعل العرب في غناءهم (الحُداء والنَصْب).
3- ومنه ما يؤدى بتكلف وتصنع، وعناية فائقة باللحن وإتقانه، لكن دون التقيد بألحان وأوزان النغم الموسيقي.
4- ومنه ما يكون موزنا على الألحان والمقامات الموسيقية الموقعة، ويتقن ذلك الملحنون العارفون بعلم الموسيقى .
المطلب الثاني: كلمات النشيد .
غالب منظوم النشيد من قبيل
الرجز، وغالب معانيها من قبيل شعر الدعوة الإسلامية، أما موضوعاتها فكثيرة
ويمكن تقسيمها إلى الموضوعات التالية:
الموضوع الأول: ( الدعاء والمدائح النبوية)
: الثناء
على الله - عز وجل - بذكر أسمائه الحسنى، وصفاته العليا، وذكر ماله من
الفضل والنعمة الظاهرة والباطنة، وذكر ما يستحق من التوحيد، وإفراده
بالعبادة، والخضوع، والتذلل له دون سواه .– كما مر في التعريف – يؤدى
بترقيق وترجيع وتنعيم، أي بالألحان، لكن هذه الألحان متنوعة بتنوع
الأناشيد، ومتفاوتة في الترقيق والتنعيم ؛ لتنوع المنشدين، واختلاف أداءهم،
ومعرفتهم بالألحان وعنايتهم بها، على النحو التالي:
المطلب الثالث: الدواعي إلى انتشار النشيد .
كان الداعي إلى ظهوره وانتشاره أسباباً منوعة، وأهمها:
الأول:
الثاني:
الثالث:
الرابع:
وبانتشار النشيد حصلت العناية به وتطويره من نواح عدة .
ظهور وسائل السماع
وانتشارها تسلط الكفار على المسلمين، واغتصاب أراضيهم، لاسيما أرض فلسطين
-ردها الله من كيد الغاصبين-، وظهور الحركات الجهادية في مقاومة الكافرين،
ولاسيما الجهاد الأفغاني . انتشار الصحوة الإسلامية، لاسيما التجمعات
الدعوية، والجماعات الإسلامية، الذين رأوا النشيد من ضرورة أساليب الدعوة
انتشار الأغاني الخليعة مما دعا أهل النشيد إلى منافستها والحد من انتشارها
بواسطة بدائل النشيد .
المطلب الثاني: ابتداء النشيد في مصر والشام، ثم انتقاله إلى بقية البلدان.
كتب الأستاذ سيد قطب –
رحمه الله – عام 1954م، مقدمه لمجموعة من الأناشيد الدينية، للشاعر محمود
أبو الوفاء، وضمّنها معنى الأناشيد الإسلامية اليوم، وقال: " هذه الطبعة
الجديدة من الأناشيد، فقد تمت بناءاً على رغبة بعض العاملين في حركة
الأحياء الإسلامي ؛ لتنتفع بها ناشئة الأخوان المسلمين، أو ينتفع بها غيرهم
ممن يريد أولياؤهم أن ينشأوا في ظلال الإيمان، أو يتذوقوا حلاوة روح الدين "
وكان لهم ما أرادوا من
انتشار الأناشيد بين الشباب المسلم فيما بعد ليس في مصر فقط، ولكن في كثير
من البلدان العربية وغيرها،إلا أن فكرة الأناشيد لم تكتمل – كما أعلم –
بصورتهما الحاضرة قبل العقد الأخير من القرن الرابع عشر الهجري .
يقول مروان كجك في مقدمة
أناشيد إسلامية: " وكانت هذه الأناشيد تسير رويدا رويدا بمعاني القرآن،
وعقائد الإسلام، حتى كان العقد الأخير من القرن الرابع عشر الهجري الذي
اصطلح على تسميته بـ (عقد الصحوة الإسلامية) - وهى مستمرة بعون الله ومدده -
فإذا الأناشيد تندفع إلى الساحة الإسلامية، فتؤلف لها مجموعات الإنشاد
المتعددة، وكان للأطفال فيها دور كبير، وراح الناس يتداولون الأشرطة
المسجلة لهذه الأناشيد، ويحفظونها، ويرددها الصغار والكبار، وتذخر حفلاتهم
وأعيادهم ومناسباتهم، مما ألهب المشاعر وأزكى الآمال، فتبدلت صورة ما
تعارفنا عليه من المناسبات الإسلامية، لتصبح دروسا في العقيدة، وعظات
صادقة، وإرشادات ظمئت لها النفوس قرونا "
فكانت بداية الأناشيد في
صورتها الحالية في العقد الأخير من القرن الرابع عشر الهجري في بلاد الشام
ومصر، عن طريق إحياء المناسبات كالأعياد والأعراس والاحتفالات (المسجدية )
على يد بعض فرق الأناشيد المتبرعة بذلك، ثم سهل انتشارها بواسطة أشرطة
(الكاسيت) إلى بعض البلدان العربية، حتى أصبح في أكثر البلدان مَن يُصدر
هذه الأناشيد ويتحمس لها مما أدى إلى تطورها وتنوعها .
المبحث الثاني
يشتمل الكلام على نشأة النشيد الكلام عن أمور:
أولاً:
ثانيا:
ثالثا:
رابعا:
كيف تطور النشيد ؟ وما هي مظاهر هذا التطور والتنوع ؟كيف انتشر وما هي الدواعي إلى ذلك ؟ متى ؟ وأين ابتدأ النشيد بصورته الحالية ؟
المطلب الأول: أصل النشيد
لم يُعرف النشيد بصورته الحالية قبل العقد الأخير من القرن الرابع عشر الهجري
الأول:
الثاني:
وأما مبتدأ النشيد فإنه لم
يعرف بصورته الحالية قبل العقد الأخير من القرن الرابع عشر الهجري، الذي
اصطلح على تسميته فيما بعد بعقد الصحوة الإسلامية، وكان ذلك في مصر والشام،
ثم انتشر في بقية البلدان .
أنه موروث عن الطرقيين من
الصوفية، مع تعديل لا بأس به في كلماته كالبعد عن الشركيات . أو غياب كثير
من آلات اللهو في كثير منه أنه امتداد للحُداء والنَصْب اللذين كانا ينشدان
في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ومن بعده – رضي الله عنهم -،
مع تطور يسير، بما يتناسب مع تطورات العصر الحديث أصله الذي يرجع إليه .
والمتطور عنه في أنواع السماعات القديمة المختلفة .
النشيد - كما هو معروف
اليوم -: رفع الصوت بشعرٍ، أو رجز، أو نثر، بنوع فيه ترجيع وترقيق وتنغيم ؛
لأجل إثارة الحماس والعواطف والغيرة الدينية، في أوقات وأماكن متنوعة
ومن خلال تعريف النشيد
يتبيّن أن النشيد نوع جديد من السماع أُحدث في هذا العصر - يحتاج إلى مزيد
بحث وبيان حكمه – ويتميّز عن السماعات القديمة المعروفة بالحُداء والنَصْب
والغناء والسماع الصوفي .
فمن أوجه مخالفته للحُداء
والنَصْب: أنه يُسمع ويُنشد في أماكن وأوقات متنوعة، وغير مقصورة على ما
كان يُنشد في الحُداء والنَصْب، كما أن في النشيد من المقاصد ما ليس في
الحُداء والنَصْب، كإثارة الحماس والغيرة والعواطف الدينية .
ومن أوجه مخالفته للغناء:
أنه ليس مما يقصد به مجرد التطريب كالغناء، وليس في كلماته ما هو في جنس
كلمات الغناء من الحب والتشبيب والعشق .
ومن أوجه مخالفته للسماع
الصوفي: أن معنى التعبد والتقرب إلى الله مما لابد منه في السماع الصوفي
بخلاف النشيد، وكذلك آلات اللهو وكلمات الحب والعشق والغزل لازمة للسماع
الصوفي دون النشيد .
نشأة النشيد:
"إلهنا ما أعدلك
لبيك قد لبيت لك
مليك كل مَن ملك
لبيك إن الحمد لك
والملك لا شريك لك
والليل لما أن حلك
على مجاري المنسلك
أنت له حين سلك
يا مُخطئا ما أعجبك
واختم بخير عملك
لبيك إن الحمد لك
والسابحات في الفلك
ما خاب عبد أمّلك
لولاك يا رب هلك
عجل وبادر أجلك
ولا تسوف املك
لبيك قد لبيت لك"()
الثاني:
ومثال هذا النوع من النشيد القصيدة التالية:
سؤال الله عز وجل أن يدفع الضر والشر، وأن يجلب النفع والخير في الدارين .
" لا حول ولا قوة إلا
فأعن واصرف عنّا الجهل
بك يا ذا القوة يا مولى
يا ذا المنّة يـا رب
وإذا متُّ إلهي اجعل لي
واحشرني مع خير الرسل
في قبري نوراً واغفر لي
يا ذا المنة يـا رب"
ب - المدائح النبوية:
وذلك بالثناء على النبي –
صلى الله عليه وسلم – بما يليق به دون غلواً وإطراء، وذكر صفاته التي أثنى
الله عليه بها، وذكر بعض خصائصه التي خصه الله بها، مما ورد به النّص .
مثال المدائح النبوية نشيد:
"طلع البدر علينا
وجب الشكر علينا
أيها المبعوث فينا
جئت شرّفت المدينة
قد لبسنا ثوب عز
ربنا صلى على مَن
من ثنيات الوداع
ما دعا لله داع
جئت بالأمر المطاع
بالهدى يا خير داع
بعد تمزيق الرقاع
حل في خير البقاع"
()
الموضع الثاني: ( الأناشيد الحماسية)
وهى غالب مادة النشيد وموضوعاته، وقد تبارى شعراء الدعوة المعاصرون في الدعوة إلى الجهاد والحماس والذود عن حياض الدين وأهله .
ففي أنشودةنداء القرآنيقول الشاعر مستنهضا قومه:
يا بني قومي هذى صيحة
فدعوا النوم وهبوا للجهاد
ولا ينسى الشاعر المجاهد أبدا أن نور الله هو الذي يضيء درب الجهاد فيدعو ربه:
فجر اللهم في عزمــ
واصطنعني لغد الإنـ
ـى من نورك نورا
ـسان في الآفاق سورا
وما أجمل تلك الأنشودة ( حماة الأقصى ) التي تنطق باسمهم وتقول:
" نحن أجيال الغد
قد نهلنا علمنا
من سنا قرآننا
وجنود السؤدد
من كريم المورد
والهدى المحمدي"
والتي تبشر أن حُماة الأقصى لم يموتوا، وهم جنود الغد – أي غداة – مُحررين أولا، وحماة ثانيا، ولا
نستغرب ذلك أبدا من فتية صمموا على الجهاد وعزموا على النضال:
" قد عزمنا للنضال
نحن رهان الليالي
واتحدنا للخطوب
نحن فرسان الخطوب "
ويكشف المنشد لونا من
ألوان المؤامرة الكبرى على الشباب المسلم ؛ لينشغل عن دينه وينصرف إلى لهوه
وترهاته، يكشفها محذراً الأمة من خطر إضعاف الشباب، وهم عدة الأمة للحاضر
والمستقبل:
مؤامرة تدور على الشباب
مؤامرة تدور بكل بيت
ليعرض عن معانقة الحراب
لتجعله ركاما من تراب"
لذلك فالشاعر يدعو إلى تحطيم هذه المؤامرة، بتحطيم ظلمها فيقول:
" حطموا ظلم الليالي
وابذلوا كل الغوالي
واسبقوا ركب المعالي
وارفعوا دين محمد
ويُشير بعد ذلك إلى الدور العظيم الملقى على عاتقهم:
ينظر الكون إليكم
فاعلموا ماذا عليكم
يطلب البر لديكم
نحو تشريع محمد
وبكلمات قليلة يجلى بعض جوانب الإسلام العظيمة:
إنما الإسلام قوة
ونظام وأخوة
وجهادا وفتوة
واتباع لمحمد
وما أبلغ تلك الكلمات في
أنشودة تباشير الفجر التي تتحدث من قلب المعركة، حديث المعاناة السابقة
للجهاد الدامي الذي لا مفر منه، ولا منأى، مادامت الكلمة لم تجد لها أذنا
صاغية، والموعظة الحسنة لم يؤبه لها، والإرشاد اللطيف لم يجد نفعا . عند
ذلك يجري الدعاء إلى الله أن الباطل أعد العدة لمحاربة الحق، والإيقاع
بالمؤمنين، فينطلق شاعرهم مخاطبا الطاغية:
قد تملك صوتا يكويني
قد تجعل غلك في عنقي
وتحز القلب بسكين
وتحاول قطع شراييني
إلى أن يصرخ في وجهه مزمجراً:
" لكن سلطانك لن يرقى
لذرى إيماني ويقيني
ليُصاب الطغاة، كل الطغاة،
باليأس من هزيمة المؤمنين أو دحرهم أو النيل من إيمانهم بربهم، وثقتهم
بوعده، فهم أنسال آباء كرام، كانت كلماتهم تحت السياط اللاهبة: أحد أحد،
ونشيدهم عند الموت:
ولست أبالى حين أقتل مسلما
على أي جنب كان في الله مصرعي "
وهكذا تتوالى هذه الأناشيد
في سبيل الله لدفع المسلم دفعات من العزيمة الصادقة والإصرار المتين ؛
ليظل سائراً على طريق الحق لنيل إحدى الحسنين: النصر أو الشهادة
الموضوع الثالث: (الأناشيد الترحيبية) .
ويقصد بها الترحيب بالضيوف أو القادمين، في المناسبات، كالأعراس والاحتفالات والندوات وغيرها .
مثال ذلك من الأناشيد
يا هلا فيكم
الله يحييكم
بالحب بالمودة
أحنا نحييكم
***
" يا مرحبا بمن وصل
قلوبنا هي المحل
على الرؤوس في المقل
وهى فسيح المقر "
***
" طاب طاب طاب
أهلا بكم يا شباب
لقاءنا قد طاب
في الحل والترحاب "
الموضوع الرابع: ( الأناشيد التربوية).
ويقصد بها الأناشيد التي تغرس المعاني الطيبة والخصال الفاضلة في النفوس، وأهمها:
1- الدعوة إلى حفظ القرآن الكريم وتلاوته مثل الأناشيد:
" غرد يا شبل الإيمان
فيه الحق وفيه النور
غرد واصدح بالقرآن
فيه اللؤلؤ والمرجان"
الدعوة إلى النظر في الكون والتأمل في المخلوقات، مثل نشيد:
" هذه الدنيا الجميلة
وسموات صقيلة
بين قفر وخميلة
كلها من صنع ربي"
2- الدعوة إلى برّ الوالدين، والإحسان إليهما، مثل نشيد
:
" في حضنها الأمان
في قلبها الإيمان
أمي رعاها الله
في صدرها الحنان
في كفها الإحسان
أمي رعاها الله "
***
" أبي دعاني إليه
وضمني بحنان
سلام ربي عليه
والخير ملء يديه
والرفق في ساعديه
سلام ربي عليه "
3- الدعوة إلى الأخوة الإسلامية التي تربط بين المسلمين برباط العقيدة في كل مكان، كنشيد ( صالحون ) وفيه:
يا أخي في الهند أو في المغرب
لا تسل عن عنصري أو نسبي
أخوة نحن به مؤتلفون
أنا منك أنت مني أنت بي
إنه الإسلام أمي وأبي
مسلمون مسلمون مسلمون"
5-الدعوة إلى الحجاب، مثل نشيد:
" أختاه يا أمة الإله تحشمي
لا ترفعي عنكِ الحجاب فتندمي"
6- الدعوة إلى الإنفاق في سبيل الله
الموضوع الخامس: ( الأناشيد الزهدية)
ويُقصد بها الأناشيد التي
تدعو إلى الزهد في الدنيا، والترغيب في الآخرة، والدعوة إلى الإكثار من
الأعمال الصالحة، وترك الذنوب والمعاصي والآثام، مثل إنشاد القصيدة الزهدية:
يا نفس توبي فإن الموت قد حان
أما ترين المنايا كيف تلقطنا
في كل يوم لنا ميت نشيعه
يا نفس مالي وللأموال أتركها
يا راكضا في ميادين الهوى مرحا
مضى الزمان وولى العمر في لعب
واعصي الهوى فالهوى مازال فتانا
لقطا فتلحق أخرانا بأولانا
نرى بمصرعه آثار موتانا
خلفي وأخرج من دنيايَ عريانا
ورافلاً في ثياب الغي نشوانا
يكفيك ما قد مضى قد كان ما كانَ"
وأهمها.
المطلب الرابع: القائمون على إصدار الأناشيد فئات كثيرة، هي:
1- فرق الإنشاد، كفرقة إنشاد أبي مازن، وأبي الجود، وأبي الحسن، وأبي البشر، وأبي راتب وغيرهم .
2- الجماعات الدعوية والإصلاحية، كجمعية الإصلاح في البحرين والكويت والإمارات .
3- حركات المقاومة، كحركة المقاومة الإسلامية في فلسطين (حماس) .
4- المدارس، والمراكز الصيفية .
5- جماعات تحفيظ القرآن الكريم في المساجد .
6- المؤسسات الخيرية .
7- المؤسسات والجمعيات المهتمة بالمرأة والأطفال .
8- المؤسسات التجارية المسماة التسجيلات الإسلامية .
المطلب الخامس: القائمون على نسخهاوتوزيعها .
القائمون على نسخ الأناشيد وتوزيعها، وكذلك بيعها والمتاجرة بها، (التسجيلات الإسلامية) غالبا .
الفصل الثاني
وفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – حفظهم الله - رحمه الله، والشيخ الدكتور صالح الفوزان
المبحث الثاني
لإباحة النشيد: جاءت
النصوص الصحيحة الصريحة بدلالات متنوعة على إباحية إنشاد الشعر واستماعه،
فقد صحّ أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - والصحابة الكرام قد سمعوا
الشعر، وأنشدوه واستنشدوه من غيرهم، في سفرهم وفي حضرهم، وفي أعمالهم، وفي
مجالسهم، بأصوات فردية كما في إنشاد حسان وعامر بن الاكوع وأنجشة وبلال()،
وبأصوات جماعية، كما في حديث أنس - رضي الله عنه - في قصة حفر الخندق قال:
فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وآله وس