النفوذ
قـالوا: السعادة فـي النـفوذ وسلطـة الجـاه العتيـد
مـن كالأميـر وكالوزيـر وكالمـديـر وكـالعميــد؟
يرنـو إلـى مـن دونـه فيـسابـقون لمـا يـريـد
وإذا رأى رأيـاً فـذلك وحـده الـرأي الـرشـيــد
كـل يسـارع في هـواه وعـن رضـاه لا يـحـيـد
قلت: اطرحـوا هذي المظاهر واسمعـوا بيت القصيـد
فأخـو النـفـوذ بجاهـه يشقى وإن سحـب البـرود
ماعـاش يحـرص أن يـدوم له النفـوذ ويستـزيـد
متـمـلقـاً مـن فـوقـه طمـع المثـوبـة والمزيـد
ومخـافـة أن يسـقط الكـرسـي يـومـاً أو يـمـي
متـرضيـاً مـن دونــه بـعطـائـه أو بالـوعـود
يـبـغي رضـا كل الـورى ورضاهمـو شيء بعيـد
فتـراه يـبـسـم للبـغيـض كأنـه الحـب الـودود
وتـراه يـمتـدح الغبـي كأنـه الفـطـن الرشيــد
فاعجب لأزيـاء الملـوك وتـحتـها نـفس العبـيـد
لا يـخدعنـك ثـلـة حـاطـوا بـه مثـل الجـنـود
أبصرهمو -إن شئت- حين يجيء بالـعـزل البـريـد
تـجـد النـفوذ هـوى كما تـهوي وتنـفرط العقـود
ذهـب البـطانة واختفى الـزوار، وانـفض الحشـود
قـد كـان سـوق منـىً وكانـوا هم كتـجار اليـهود
وافــوه يـوم نـفـاقـه وجـفـوه أيـام الـركـود
وإذا رأوه دعــوا: ألا بـعداً كـما بـعـدت ثــمود
أفـبـعد ذاك تـظـن أن أخـاً النـفوذ هـو السعيـد؟