لا وقت للراحة
فعليك ببذل أقصى ما في وسعك لتنال هذه الثمرة العظيمة، ثمرة ليلة القدر .. وقد أمرنا رسول الله بتحرِّيها، فقال "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"[متفق عليه] .. فعليك أن تجتهد إجتهادًا عظيمًا في العشر الأواخر.
علامة ليلة القدر .. عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي قال "ليلة القدر ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء"[صحيح الجامع (5475)] .. وهذا هو الحديث الوحيد الصحيح الذي ورد فيه علامة ليلة القدر، وهي أن تشرِّق الشمس في صبيحتها بلا شعاع.
ولليلة القدر فضلٌ عظيـــم .. فهي:
1) أعظم ليالي الدهر .. لذا لابد أنتعظِّم الله عز وجلَّ في هذه الليلة العظيمة ..
فأكثِّر من التكبير والتهليل في هذه الليلة .. والذكر سببًا في استحضار قلبك لأن به يستقيم اللسان، وقد قال النبي "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه"[رواه أحمد وحسنه الألباني].
2) ليلة تضيق فيها الأرض من كثرة الملائكة .. عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله قال في ليلة القدر "إنها ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى"[حسنه الألباني، صحيح الجامع (5473)] .. فأكثِّر من ذكر الله تعالى في هذه الليلة، لكي تحفك الملائكة.
3) يباهي الله فيها الملائكة بعباده الصالحين .. قال ابن رجب في (لطائف المعارف) "فإذا
كان ليلة القدر أمر الرب تبارك وتعالى الملائكة بالنزول إلى الأرض لأن
العباد زينوا أنفسهم بالطاعات بالصوم والصلاة في ليالي رمضان، ومساجدهم
بالقناديل والمصابيح فيقول الرب تعالى: أنتم طعنتم في بني آدم وقلتم {..أَتَجعَل فِيهَا مَن يفسِد فِيهَا وَيَسفِك الدِّمَاءَ ..} [البقرة:30]، فقلت لكم {.. إِنِّي أَعلَم مَا لَا تَعلَمونَ}[البقرة: 30]، اذهبوا إليهم في هذه الليلة حتى تروهم قائمين ساجدين راكعين لتعلموا أني اخترتهم على علم على العالمين" .. فيثني الله عزّ وجلّ على عبده الصالح في الملأ الأعلى، لأن هذا العبد قد زين نفسه بالطاعات في هذه الليلة المباركة.
4) خيرٌ من ألف شهر .. قال تعالى { لَيلَة القَدرِ خَيرٌ مِّن أَلفِ شَهرٍ }[القدر: 3] ..
فلابد أن تعتكف على طاعة الله عز وجل في هذا الزمان الشريف .. عسى أن تبلَّغ هذه الليلة، فيكتب لك أجر عبادة أكثر من ثلاثة وثمانين عام .. وكفاك إنشغالاً بالدنيا.
5) فيها يفرق كل أمر حكيم .. قال تعالى {فِيهَا يفرَق كلّ أَمرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4]،
أي يقدّر فيها كل ما سيحدث في الدنيا خلال العام القادم .. وإذا نزل قدرك
وأنت متَلَّبِس بالعبادة، فهذه بشرى على أن عامك القادم سيكون خيرًا بإذن
الله.
6) ليلة سلام .. قال تعالى {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطلَعِ الفَجرِ }[القدر: 5] .. قال مجاهد "هي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا ولا يحدث فيها أذى"، وقال قتادة "السلام : الخير والبركة".
فليلة القدر سبب للسلامة والنجاة من المهالك يوم القيامة، حيث أنَّ من قامها إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدم من ذنبه .
فإيــــــاك أن تحرَّم خير هذه الليلة العظيمة ..وقال رسول الله "إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا كل محروم"[رواه ابن ماجه وحسنه الألباني]
فاللهم لا تحرمنا خيرك ولا تحرمنا فضلك .. اللهم أكتبنا في عبادك المرحومين ولا تجعلنا من المحرومين،،