حضارة بابـــــل
ايسن ولارسا:-
خلال تداعي اور الثالثة، ركز اشبي – ايرا نفسه في اسين
واوجد سلالة هناك استمرت من 2017 الى 1794 . وقد اتبع نهجه
في اماكن اخرى من قبل الحكام المحليين، كما في دير،
واشنونة، وسيبار، وكيش ولارسا. لقد ساد شعور في مقاطعات
عديدة بتقليد نموذج اور؛ وربما تولت اسن دون تغيير في
النظام الاداري لتلك الدولة. لقد أله اشبي – ايرا نفسه
وكذلك فعل من خلفه ومنهم حاكم دير على الحدود الايرانية. لقد
ضمت اسن ولقرابة قرن كامل على مجموعة من الدول كالفسيفساء والتي
سرعان ما تداخلت فيما بينها. ولقد انتعشت التجارة الخارجية من بعد
ما ساق اشبي – ايرا المعسكرات العيلامية من اور، وتحت حكم
خلفه شو – اليشو، تم استعادة تمثال اله القمر نانا، اله
مدينة اور من العيلاميين والذين كانوا قد اخذوه معهم.
ولغاية حكم ليبيت – عشتار ( 1934 – 1924 ق م )، فان حكام
اسن وتشبها بحكام اور، فيما يخص تقييم الملك لذاته في
التراتيل، والتي كانت تبدو من الامور الاعتباطية طلب
التفريق بين ابي – سن و اشبي – ايرا. وكمثال اضافي على
الاستمرارية فيمكن اضافة ان شريعة ليبت – عشتار تقع في منتصف
التسلسل بين شريعو اور نمو وشريعة حمورابي. الا انها اقرب الى
الاولى لغويا وخاصة من ناحية الفلسفة القانونية من شريعة حمورابي
التي هي مجموعة من الاحكام. فمثلا فان شريعة ليبت عشتار لا
تعرف الحكم القانوني " العين بالعين والسن بالسن "، المبدأ
الاساسي لقانون حمورابي العقابي.
السياسي:-
من المحتمل ان الانسلاخ النهائي عن اور الثالثة جاء نتيجة
تغيير مكونات السكان ، من " السومريين والاكديين" الى "
الاكدين والعموريين" من خرافات الكبد البابلية القديمة
تقول " سيدخل سكان السهل ويطاردون من كانوا في المدينة" ان
هذه في الحقيقة هي معادلة مختصرة لحادث وقع اكثر من مرة:
اغتصاب تاج الملك في المدينة من قبل " شيخ" احد قبائل
العموريين. ان تلك الاغتصابات كانت تحدث باستمرار كجزء من
عملية استقرار العشائر، بالرغم من ان الحالة في اسن لم تكن
كذلك لان بيت اشبي – ايرا جاء من ماري وكان من اصل اكدي، اذا ما
حكمنا علىالحكام من اسمائهم.وبنفس العلامة اللغوية فان سلالة لارسا
كانت عمورية. كان الحاكم الخامس لسلالة لارسا كونكونوم (
حكم من 1932 – 1906 )واستولى على اور ونصب نفسه كند مساو
لاسن؛ وفي هذه المرحلة – نهاية القرن العشرين ق م – ان لم
يكن قبل ذلك، لقد سلمت اور نفسها. من عهد كونكونوم الى
التوحيد الوقتي لبلاد مابين النهرين تحت حكم حمورابي، فان
الصورة السياسية كانت تقررها تفتت توازن القوى، من خلال
التردد المتواصل للحلفاء من قبل اللافتراض المسبق للحكام
المختلفين، من الخوف من انتهاك الحرمات من قبل القبائل
البدوية العمورية ومن خلال تزايد تردي الظروف الاجتماعية.
ان الارشيف المكثف للمرسلات من القصر الملكي لدولة ماري ( 1810 –
1750 ق م ) هو افضل مصدر للمعلومات عن اللعبة السياسية والاقتصادية
وحكامها، سواء كانوا اعزاء ام اذلاء، وتغطي المعاهدات،
ارسال واستقبال السفراء، الاتفاقيات حول تكامل جيوش
الحلفاء، التجسس وكتابة تقارير عن المواقف من المحاكم
الاجنبية. ان خلو هذه الرسائل من المبالغة او التنميق
ولانها تتناول كل الاحداث فهي افضل من كل الكتابات الملكية
على البنايات حتى وان جاء فيها تلميحات تاريخية.
النصوص الادبية وزيادة اللامركزية:-
هناك مصدر آخر غير مباشر لا ينبغي استبعاده للمواقف
السياسية والاجتماعية- اقتصادية في الفترة من القرن 18 –
20 ق م هي فترة ادب الفأل والنذر. هذه هي خلاصات وافية عن
حالة كبدة الخروف او اية مادة كهنية ( مثل سلوك نقطة زيت
في زجاجة مملوءة بالماء، او مظهر طفل مولود حديثا، او شكل
غيمة بخور) يجري وصفها باستفاضة ويتم التعليق عليها مع
مايتناسب من التخمينات: " سوف يقتل الملك حاشيته ويوزع
بيوتهم وممتلكاتهم على المعابد"؛ " سيرتقي العرش شخص قوي في
مدينة غريبة"؛ " ان الارض التي ثارت ضد الرعاة ، ستظل تحكم من قبل
الرعاة"؛" سيعفي الملك مستشاره"؛ و " سوف يتم غلق ابواب المدينة
وستشهد المدينة نكبة".
وبدأً ب كونكونوم لارسا، فان النص فيه تبصر اعظم في القطاع
الخاص من اية فترة سابقة. اصبحت هماك زيادة ملحوظة في عدد
العقود الخاصة والمراسلات الخاصة. ومن اكثر االعقود
الخاصة تواترا هي تلك التي تخص قروض الفضة والحبوب
(الشعير)، موضحة المواثيق الاعتيادية ، خاصة عندما يضطر
الشخص للبحث عن مقرض فانها اول خطوة على طريق تقود في
الاغلب الى الخراب. ان نسبة الفائدة كانت ثابتة على ال 20% في
حالة الفضة و 33 % في حالة الحبوب، وتزاد اكثر في حالة تجاوز المدة
المحددة للدفع، وعادة عند وقت الحصاد. ان عدم توفر السيولة
لسداد دين كان يؤدي الى السجن ، والى العبودية في حالة
دفعها بالاقساط، وحتى الى بيع اطفال المقترض او بيعه هو.
الكثير من المراسلات الخاصة كانت تتضمن ان اطلاق سراح
افراد عائلة ما من السجن هي بيد المقرض. الا ان الكثير من
الثروات كانت قد جمعت " كسيولة مادية" واراضي. وحيث ان هذه
الاتجاهات كانت تهدد بكارثة اقتصادية، كان الملوك يوصفون
كمقومين للديون، على الاقل بمسكنات وقتية. النص الدقيق
لاحدى هذه المراسيم والمعروفة منذ ذلك التاريخ ب "
اميسادوقة بابل" .
ماعثر عليه من اراشيف لحد الان تتحدث عن المعابد او القصور
لغاية فترو اور الثالثة. وعلى كل فما يعني فترة مملكة
بابل القديمة اضافة الى الوثائق الخاصة بالقانون المدني،
حيث هناك عدد كبير من السجلات الادارية لبيوت تدار بصورة
خاصة، او حانات او مزارع: تسديد حسابات، وصولات، وملاحظات
عن مداولات متنوعة. كان هناك طبقة متوسطة " برجوازية"
منتظمة، تنظم املاكها واراضيها وتمتلك وسائل خاصة بها
مستقلة عن المعابد والقصور. والتجارة ايضا اصبحت الان بيد القطاع
الخاص بصورة اساسية؛ فالتاجر كان يسافر ( او كان يبعث ابويه) على
مسؤوليته الخاصة وليس نيابة عن الدولة. من ضمن عقود القانون
المدني كان هناك زيادة نوعية في سجلات بيع الاراضي. وكذلك
ما له اهمية للوضع الاقتصادي في عهد بابل القديم هو مايمكن
اختصاره ب"علمنة او دنيوية المعابد"، حتى وان لا يمكن
تتبع كل مراحل هذا التطور . كان القصر وربما لقرون يملك
السلطة في التخلص من ممتلكات المعبد، في الوقت الذي كان
اوروك اكينا من لكش يوسم الميل الى سوء استخدام العلاقة
بين المواطن والمعبد اخذت الان طابعا فرديا. بعض مكاتب
الكهنة – كانت تستفاد من الموارد، وبعبرة اخرى – آلت الى اشخاص في
القطاع الخاص وبيعت ثم ورثت. ان هذا السياق كان قد بدأ في اور، حيث
اغدق الملك على بعض درجات الكهنة، ولم يكن ليحق للمستلمين
تملكها. ان ارشيف " معبد" اله الشمس ل سيبار كان قد جهز
را خاصة مثالا واضحا عن انتشار الخدمات الدينية والفوائد
الاقتصادية الخاصة. النساء اللاتي عشن في اديرة الرهبنه كن
يدعين " كاكوم، وكن من العوائل الراقية ولم يكن لهن الحق
بالزواج. كن يرتيطن بما لديهم من املاك والتي تتضمن اراض
وفضة باعمال حيوية مربحة وذلك بمنح قروض وبيع الحقول.
ان الميل الى اللامركزية قد بدأ في فترة بابل القديمة مع
اسين. واختتمت بحكم دام 72 عاما من بيت كودور – مابوك في
لارسا ( 1834 – 1763 ق م )، ان كودور – مابوك شيخ حدى
القبائل العمورية في جاموتبال، وبالرغم من اسمه العيلامي،
فانه ساعد ابنه واراد – سن للاحتفاظ بالعرش. ان هذا
الاغتصاب ساعد لارسا، التي مرت بفترة من عدم الاستقرار
الداخلي، على الازدهار مرة اخرى.
تحت حكم واراد – سن والحكم الطويل لاخيه رم – سن فان جزءا
كبيرا من بلاد بابل الجنوبية بضمنها نيبور قد توحدت في
دولة واحدة هي لارسا في 1794 ق م. احتلت لارسا من قبل
حمورابي في 1763 ق م .
الأرباح السياسية:-
حمورابي ( 1792 – 1750 ق م ) هو حقا واكثر شخصية مثيرة
للاهتمام وافضل شخصية عرفت لحد الان من تاريخ الشرق الاوسط
القديم من النصف الاول من الالفية الثانية ق م. انه يدين
بصيته الذي شاع بعد موته الى المسلة العظيمة التي نقشت
عليها شريعة حمورابي وبصورة غير مباشرة الى حقيقة ان
سلالته قد جعلت من اسم بابل مشهورا على مدى الايام. وبنفس
الاسلوب الذي كانت عليه كيش قبل سرجون حين ضربت مثلا لكل
الاراضي غير السومرية الواقعة شمال سومر واكد ومنحتها اسمها
ولغتها، اصبحت بابل الرمز للبلد بكامله والتي سماها الاغريق ببلاد
بابل (بابلونيا). ان هذا المصطلح يستخدمه علماء الاثار بطريقة
مفارقة كمفهوم جغرافي للاشارة الى الفترة التي سبقت حمورابي.
كان اسم المدينة الاصلي ربما " بابلا"، والذي اعيدت
ترجمته حسب التعليل اللغوي الى " باب – إلي" اي باب الاله. ارتقت
سلالة بابل الاولى من بدايات تافهة. يمكن تتبع تاريخ
المقاطعة السابقة لاور من 1894 فما فوق عندما جاء
العموريون سوموابوم الى السلطة هناك. مايعرف عن تلك
الاحداث ينطبق تماما على النسب الخاصة بالفترة عندما كانت بلاد
مابين النهرين عبارة عن فسيفساء من دول صغيرة. عزف حمورابي بمهارة
على نغمة التحالف واصبح اكثر قوة من سابقيه. وعلى اية حال
فانه في السنة الثلاثين من حكمه فقط وبعد احتلاله لارسا،
حينها اعطى تعبيرا قويا عن فكرة حكم كل جنوب بلاد مابين
النهرين من خلال تقوية اساسات سومر واكد، في كلمات تعود
الى تلك السنة. في المقدمة لشريعة حمورابي قائمة الملوك
ادرجت المدن التالية على انها تابعة لحكمه: اريدو، اور،
لكش وجرسو، وزابالام ولارسا واوروك واداب و إسن ونيبور
وكيشي و ديلبات وبورسيبا وبابل نفسها، وكيش ومالكيوم وماشكان-شابير
وكوثا وسيبار واشنونة في محافظة ديالى وماري وتوتول في اسفل بالخ (
رافد من الفرات) واخيرا آشور ونينوى. كان هذا في السجل
الحافل لاكد واور الثالثة. على اية حال لم تكن آشور ونينوى
قد شكلت جزءا من هذه الامبراطورية لمدة طويلة بسبب في
نهاية حكم حمورابي ذكر عن حروب ضد سوبارتو في دولة آشور.
تحت حكم ابن حمورابي سامسويلونا ( 1749 – 1712 ق م ) تقلصت
الامبراطورية البابلية بشكل كبير. وتبع ذلك ما صبح تقليدا
وهو قيام الثورة في الجنوب. استعادت لارسا استقلالها
لفترة معينة، وسويت جدران اور واوروك ولارسا. اما اشنونة
واتي ثبت انسحابها قد انهزمت في حوالي 1730 .وبعد ذلك فان
الاحداث تذكر وجود دولة ارض البحر من سلالتها الذاتية ( من
كلمة ارض البحر يفهم اراضي الاهوار لجنوب بابل).
المعلومات عن هذه السلالة الجديدة مع الاسف غامضة جدا، واحد
من ملوكها فقط قد ادرج في السجلات. وفي حوالي 1741 يذكر سامسويلونا
الكشيين للمرة الاولى: ففي حوالي 1726 بنى قلعة قوية " قلعة
سامسويلونا" كحصن لحمايتهم منهم في ديالى قرب اتصالها بدجلة.
ومثل الكوتيين من قبلهم فلقد منع الكشيين فب البداية من
دخول بابل ودفعوا الى منطقة الفرات الاوسط؛ هناك في مملكة
خانا ( وتمركزوا فب ماري وترقا اسفل التقاطع مع نهر
الخابور)، يظهر ملك باسم كاشتيلياشو وهو من الاسماء
الكشية، والذي حكم الى نهاية السلالة البابلية. من خانا
تحرك الكيشيين الى الجنوب بمجموعات صغيرة لربما عمال
الحصاد. وبعد غزو الحثيين بقيادة موسيليس الاول، والذي يقال
انه اسقط اخر ملوك بابل سامسوديتانا عن عرشه في 1595 ، وتولى
الكيشيون السلطة في بابل. الى هذا الحد لا تذكر المصادر المعاصرة
هذا العهد، ويبقى السؤال دون حل هو كيف سمى الحكام الكيشيون في
قائمة الملوك ضمن نهاية الالفية الثانية ق م . الادب البابلي:-
يستحق الادب واللغة الادبية لبابل خلال القرون الثلاثة
التي تلت سلالة اور الثالثة الكثير من الاهتمام. عند
التعليق على الادب والنصوص التاريخية مثل مخطوطات ملوك
اكد، اشير الى انها ليست اصلية بل نسخ من صنائع العهد
البابلي القديم. لغاية الان، تعتبر مثل هذه النسخ هي
المصدر الرئيس للادب السومري. في الوقت الذي شهدت الفترة
البابلية القديمة خلق الكثير من الاعمال الادبية ( التراتيل
الملكية لملوك ايسن ولارسا وبابل و الملااثي الشعرية)، كانت فوق كل
شئ فترة الحصاد المكثف للادب التقليدي. ان اشعار سومر العظيمة،
والتي يرجع اصلها ،او اول نسخ مكتوبة منها الى 2600 ق م
فانها استنسخت مرات ومرات. وبعد عام 2000 ق م عندما تقلصت
اللغة السومرية بسرعة كلغة محادثة الى مناطق معزولة
وبالتالي اختفت تماما، فانه بدأ بترجمة النصوص، سطرا اثر
سطر الى اللغة الاكدية الى ان اصبح هناك نسخ بلغتين.
والمهم في هذا وخاصة البرامج التوجيهية في المدارس، كانت
ما يسمى " بالنصوص المعجمية". ان قائمة الكلمات السومرية
قديمة قدم الخط المسماري ذاته؛ لقد وفرتا المادة الملائمة
لمن يريد تعلم الكتابة. في العهد البابلي القديم، كانت المفردات
اللغوية تترجم وغالبا ما كانت تحشى بالعلامات الصوتية. لقد قاد هذا
الى اختراع "القواميس" التي لا يمكن التقليل من قيمتها الى
يومنا هذا. ولما لزم تعلم السومرية اكثر من السابق فانه
ظهر الى الوجود البحوث النحوية: والى البعد الممكن،
وبالنظر للاختلاف في بناء اللغتين، فان الضمائر في اللغة
السومرية، واشكال الافعال وغيرها كانت تترجم الى الاكدية،
وبضمنها تصريف الافعال.
في الادب المحض، كانت اللغة السومرية هي المهيمنة، بالرغم
من ان اللغة الاكدية لا تفتقر الى القطع الرائعة، بضمنها
النص الاكدي القديم لملحمة كلكامش. ينبغي ان لا نقلل من
شان الاصالة العالية التي تتمتع بها اللغة السومرية،
ولازالت خطوطها تستخدم على البنايات وتوثيق تواريخ
الاحداث. اضافة الى كونها لغة الشؤون العملية ( مثل: الادب
والعقود)، فان هناك الكثير من التاثير العالي للغة
الاكدية فى التنبؤات والكهانة والادب الالهي. وللتاكد فان
اللغة السومرية مورست للتنبؤ بالمستقبل و فحص مسرى الحيوانات، ولكن
المعروف انهم لم يدونوا النتائج. اما في اللغة الاكدية فهناك
خلاصات مرتبة ترتيبا علميا ومكثفا للبشائر والتمائم استنادا
الى الكبد
( اضافة الى تمائم اخرى)، مايعكس اهمية تلك الكهانة على
المستقبل في الديانة والسياسة وكل مناحي الحياة اليومية.
بالحكم من خلال الافكار التشريعية المتطورة وقابليته في
كتابة سياقات ادارية معقدة ومعرفته المتقدمة في الرياضيات
وبدء دراسة علم الفلك والتنجيم، فانه يظهر ان العهد
البابلي القديم كان يحمل فعاليات ثقافية زائدة بالرغم من
ان لم نقل بسبب قلة الاضطرابات السياسية . القانون البابلي :-
ان شريعة حمورابي هي اكثر الوثائق المسمارية مراجعة في
الادب الخاص. اول نشر دراسي لها كان في عام 1902 قاد الى
تطوير الفرع الخاص للتشريع المقارن، دراسة القانون
المسماري. بعد التقسيم الذي اجراه الكاتب الاول، جون فنسنت
شيل، شريعة حمورابي تحوي 280 حكما او مقطعا في القانون
المدني والجنائي، يعالج عموما القضايا المتعلقة بالحياة
اليومية بشكل يبدو انه من الواضح ان المشرع ليس لديه النية
في تغطية جميع الحالات. وبشكل عام فان الفكر التي عالجتها
شريعة حمورابي هي المسؤولية؛ الادارة الفاسدة للعدل؛
السرقة، استلام مواد مسروقة، السرقة، النهب، و السلب، والقتل،
والذبح، والجرح الجسماني، الخطف، والنظام الضريبي على الايجارات،
والمسؤولية على عدم الاكتراث الذي يتسبب عنه تلف الحقول او
المحاصيل من قبل الحيوانات السائبة، القلع غي القانوني لاشجار
النخيل ، المشاكل القانونية للمؤسسات التجارية، وبالذات
العلاقة بين التاجر وعماله الذين يسافرون على الطرقات،
واختلاس السلع؛ الودائع المالية؛ نسبة الفوائد على القروض
المالية؛ الوضع القانوني للمرأة العامة؛ الرق والفدية،
العبودية مقابل الدين، العبيد الفارين، بيع واعتاق العبيد،
والخصام في وضعية العبيد؛ تأجير الاشخاص، الحيوانات،
والزوارق والتعريفة الخاصة بكل منها. الاعمال العدوانية
التي يرتكبها العمال المأجورون ، والثور الهائج، القانون
العائلي: ثمن العروس، المهر، ممتلكات المرأة المتزوجة، الزوجة
والخليلة، والوضع القانوني لكل من المواضيع، الطلاق، التبني، عقود
المراة المرضعة، ووالميراث؛ والوضع القانوني لبعض القسيسات . عثر
في اشنونة على نص مشابه الا انه اقصر من حيث خلاصات
الحكم، قد يكون سابقا لشريعة حمورابي بجيل او اثنين.
حمورابي الذي اطلق على عمله " دينات ميساريم" او " احكام
نظام العدل"، يقول في المقدمة انه كانت النية كدليل قانوني
يساعد الاشخاص في البحث عن المشورة. سواء اكان المقصود من
تلك الاحكام توفير قوة ملزمة في المفهوم الحديث، فان ذلك
موضوع مناقشة واختلاف. تختلف شريعة حمورابي من عدة جهات عن
شريعة لبت – عشتار، والتي كتبت باللغة السومرية. تكمن
اكثر خصائص شريعة حمورابي قوة تكمن في صرامة الاحكام
والعقوبات وبمبدأ القانون فوق الجميع. نفس النهج تعكسه عدة
عقود في بابل القديمة والتي يهدد فيها المخالفون بعقوبات جسمانية.
غالبا مايقال، وقد يكون صحيحا، بان هذه القسوة، والتي ترتبط مع
تقاليد التشريعات السومرية، يمكن ان تمتد الى تاثير عهد
الاموريين. وهناك ايضا مجالات اخرى في شريعة حمورابي يمكن
مناقشتها. الكثير من فقراتها تختلف نسبة الى اذا ماكنت
القضية تخص فرد من " الاويلوم" او " الموسكينوم" او "
الووردوم". ثلاث طبقات من المجتمع قسمت على اساس تلك
التسميات. "الووردوم" هم الاقل اثارة للمشاكل: هو العبد –
الذي, تحت نير العبودية والذي يمكن ان يباع ويشترى، الا اذا كان
بمقدوره استعادة حريته تحت ظروف معينة كعبد مدين. " المموسكينوم"
كانوا حسب الملك حمورابي الافراد المؤجرين من قبل القصر
والذين يمكن منحهم حق الانتفاع من الارض دون امتلاكها. اما
"الاويلوم" فهم المواطنون الذين يملكون الارض كحق من
حقوقهم ولا يعتمدون على القصر او المعبد. وكما اشار الباحث
السوفيتي ايغور م . دياكونوف، لا يمكن رسم خط واضح يفرق
بين الطبقات لان طبقتي الاويلوم والموسكينوم ليستا
مستثنتين معا؛ فشخص من دائرة عليا بالقصر يمكنه شراء ارض
كملك خاص، في حين المواطن الحر الذي ترتب عليه دين نتيجة موسم حصاد
سئ او اي سوء طالع آخر يكون قد وضع قدما في طبقة العبيد. وسيبقى
السؤال حول اية طبقة من المجتمع يمكن ان تكلف بالخدمات
العامة، او خدمة الجند في حالات الحرب، دونما اجابة.
"اميسادوقا" (1646 – 1626 ) جاء بعد حمورابي بقرن ونصف.
مرسومه الذي يشار اليه، يتضمن العوامل الاجتماعية
والاقتصادية: الدين الخاص بالفضة او الحبوب، ان كان ناتجا
عن قرض، فيلغى؛ وتلغى ايضا الضرائب القديمة التي يكون بعض
الموظفين مدينون بها للقصر والتي ينبغي ان تجبى من الشعب؛
على جابيات الضرائب النساء ان يتخلين عن جمع الديون التي
على شكل "جعة" او شعير وبهذا يعفى من دفع المبالغ بالفضة
والشعير الى الملك؛ كانت قد خفضت الضرائب على الاملاك
المباعة؛ كان العبيد والذين كانوا بالاصل احرارا ( مثل العبيد
الذين استعبدوا من قبل الدائن للمدين) يفدون بفدية؛ ومنع الموظفون
ذوو الدرجات العليا من ايذاء الاشخاص الذين اخذوا املاكا مقابل
اجر في اعمال الحصاد وذلك بدفع اجورهم. ان مقولة" لان
الملك منح الارض الحكم العادل" قد طبقت في كثير من تلك
الاحداث. على عكس شريعة حمورابي ،والتي يدور الكثير من
الشك حول قوتها التنفيذية، فان المراسيم التي تخص
اميسادوقا كانت تتضمن مدو صلاحية قانونية مادام هناك اشارة
الى الالمراسيم التي اصدرها ملوك اخرون في العديد من
الوثائق القانونية للعهد البابلي القديم.
والميتانيون ونشوء الدولة الاشورية:-
بعد مرور 150 عاما على موت حمورابي، دمرت سلالته بغزو من
قبل اقوام جدد. ولقلة السجلات المكتوبة من هذه الحقبة، فان
الفترة من حوالي 1560 ق م الى حوالي 1440 ق م ( وفي بعض
المناطق لغاية 1440 قم ) تسمى العصور المظلمة. باقي
الديلات السامية مثل آشور اصبحت دويلات ثانوية ضمن مجال
النفوذ لدول الكيشيين والحرانيون / الميتانيين الجديدة.
الا ان لغات الثقافات القديمة، مثل الاكدية والسومرية
استمرت او سرعان ما اعيد استخدامها. استمرت الكتابة المسمارية
النوذج الوحيد للكتابة في كل المنطقة. ولم تكسر استمرارية الحضارة
وخاصة في بابل. ومن الامور المهمة هو بروز طبقات سامية قيادية
من صفوف الكهنة والكتاب. وتمكن هؤلاء من الحصول على سلطات
متزايدة.
الحرانيون:-
دخل الحرانيون مدار حضارة الشرق الاوسط القديم في نهاية
الالفية الثالثة ق م . وصلوا الى بلاد مابين النهرين من
الشمال او الشرق، ولكن لا يعرف كم من الزمن عاشوا في
المناطق المحيطة. هناك مخطوطات قليلة باللغة الحرانية من
نهاية فترة اكد، في الوقت كتبت فترة الملك اريشان (او
اتالشن) لاوركش و نوار باللغة الاكدية. ان لغة الحرانين
لابد وان تعود الى مجموعة لغات شرق اوسطية قديمة واسعة
الانتشار. كان قد تم التنويه عن العلاقة بين الحرانيين والصوباريين
، ولغة الاورارتيين الذي لعبوا دورا مهما من نهاية الالفية
الثانية الى القرن الثامن ق م ، هم ايضا قريبوا الصلة
بالحرانيين. واستنادا الى الباحث السوفيتي ايغور م.
دياكونوف و سيرجي أ. ستاروستن، فان اللغات القفقاسية
الشرقية هي من جذور مجموعة لغات الحرانية – الاورارتية.
لا يعرف ان كانت هجرات الحرانيين قد اخذت شكل الغزوات
العدائية، ان النصوص المأخوذة من ماري والعائدة للقرن
الثامن ق.م تتحدث عن معارك مع قبيلة توروكو الحرانية جنوب
بحيرة ارومية ( حوالي 150 ميلا من الحافة الجنوبية الغربية
لبحر قزوين) ولكن كانت تلك معارك جبلية لا تاخذ طابع
الهجوم الكاسح. الاسماء الصحيحة في النصوص المسمارية
وزيادة ورودها في فترة اور الثالثة تمثل الدليل الرئيس لوجود
الحرانيين. على اية حال ليس هناك اشارة واضحة الى ان الحرانيين
تقدموا الى الغرب من دجلة في ذلك الوقت. هناك صورة مختلفة تماما
ناتجة عن ارشيف القصر للقرن الثامن من ماري ومن نصوص مصدرها
من قرب نهر الخابور الاعلى. يظهر ان شمال بلاد مابين
النهرين وغرب دجلة وسوريا قد استوطنت فيها شعوب غالبيتهم
الاموريون والحرانيون والاخيرون وصلوا الى سواحل المتوسط
كما يظهر من نصوص من الالاخ في الاورانتيس. في ماري وجدت
نصوص ادبية باللغة الحرانية ايضا تشير الى ان اللغة
الحرانية قد تطورت في ذلك الوقت واصبحت لغة مكتوبة ايضا.
لم يصل الحرانيين الى قمتهم الا في اواسط الالفية الثانية.
في القرن الخامس عشر، تم استيطان الحرانيين بكثافة في
الالاخ، ومثلت امبراطورية الميتانيين والحرانيين اكثر
مجموعة سكنية.
الكيشيون في بابل:-
استوطن الكيشيون في 1800 ق م بما يعرف الان غرب ايران في
منطقة همدان – كرمنشاه. اول من احس باندفاعهم هو
سامسويلونا الذي كان عليه صد مجموعات من الغزاة الكيشين.
تزايد اعداد الكيشيين الذين وصلوا الى بابل واجزاء اخرى من
بلاد مابين النهرين. هناك اسسوا امارات يعرف عنها القليل.
لا يحفظ نص او وثيقة مكتوبة باللغة الكيشية. عثر على
حوالي 300 كلمة كيشية في الوثائق البابلية. ولا يعرف
الكثير عن البنية الاجتماعية الكيشية او ثقافتهم. يظهر ان لا
وجود لمملكة وراثية. كانت ديانتهم الحادية وعرف لهم حوالي 30 الها.
لا يمكن معرفة التاريخ الحقيقي لبدء حكم الكيشيين في بابل.
حكم ملك يدعى آغوم الثاني دولة امتدت من غرب ايران الى
اواسط وادي الفرات؛ 24 سنة بعد الحثيين وقد نقل تمثال
مردوخ اله بابل ، واستعاد ملكية التمثال، واعاده الى بابل،
واعاد العبادة بوضع الاله مردوخ مساويا للاله الكيشي
شوكامونا. وفي هذه الاثناء الامراء المحليين استمروا في
حكم جنوب بابل. قد يكون اولامبورياش الذي اضاف هذه المنطقة في
1450 وبدأ التفاوض مع مصر من سوريا. بنى قراينداش معبدا ببلاطات من
نحت بارز وتماثيل في اوروك في حوالي 1420 . وكانت العاصمة
الجديدة دور كوريكالزو غرب بغداد تنافس بابل، قد اسست
وسميت على اسم كوريكازو الاول ( 1400 – 1375 ).كان اسلافه
قاداشمان انليل الاول ( 1375 – 1360 ) و بورنابورياش الاول
( 1360 – 1333 ) يتواصلون مع حكام مصر امنحوتب الثالث و
اخناتون (امنحوتب الرابع). كانوا مهتمين بتجارة حجر
اللازورد ومواد اخرى مقابل الذهب اضافة الى تخطيط زيجات
سياسية. قاتل كوريكازو الثاني ( 1332 – 1308 ) ضد الاشوريين ولكنهم
دحروه. سعى اسلافه الى التحالف مع الحثيين من اجل ايقاف التوسع
الاشوري. وخلال حكم كاشتيلياش الرابع ( 1232 – 1225 )، اعلنت
بابل الحرب على جبهتين بنفس الوقت – ضد عيلام وآشور –
انتهت بغزو كارثي وتدمير بابل من قبل توكولتي – نينوترا
الاول. لم تتتمتع بابل بفترة من الرفاه والامن حتى عهد
الملوك آديد – شوم – أوسور ( 1216 – 1187) و ميليشيباك
(1186 – 1172 ). واجبر خلفاؤهم على القتال ايضا مواجهين
الملك العيلامي الفاتح شوتروك – ناهونته (1185 – 1155 ).
واخيرا وخلال هذه الحروب حطم العيلاميون بقسوة وشدة حكم الالكيشين
( حوالي 1155 ) هناك اعمال شعرية ترثي هذه الفاجعة.
الرسائل والوثائق من ذلك الوقت وبعد عام 1380 تظهر ان
العديد من الامور قد تغيرت بعد ان تبوأ الكيشيون السلطة.
كانت الطبقة العليا من الكيشيين، وهم اقلية، يتمثلون
بالبابليين ويستخدمون الاسماء البابلية وحتى ان هذه
الاسماء كانت تستخدم من قبل العائلة المالكة، وسادت بين
الموظفين والضباط. ان الشخصية العدائية الجديدة للبناء
الاجتماعي اظهر نفوذ الكيشين. ولقد انتعشت حياة المدن البابلية على
اساس التجارة والحرف. استمرت الطبقة الراقية الكيشية تفرض السيطرة
على المناطق الريفية، وكان ممثليهم الاغنياء يسيطرون على
مقاطعات كبيرة من الارض.اغلب هذه الالمقاطعات قد جاءت من
تبرعات الملك للضباط والموظفين، اضافة الى الكثير من
المزايا التي رافقت هذه المنح. ومنذ زمن الملك كورينكالزو
الثاني كانت تلك المنح تسجل بجداول او على الاكثرعلى احجار
حدودية تسمى " كودوروس". وبعد 1200 زاد عدد هذه الاراضي
بشكل نوعي لحاجة الملوك الى زيادة طبقة الاتباع الموالين.
كانت الاحجار الحدودية تحوي نحوتا بارزة، تمثل على الاغلب
رموزا دينية، وغالبا ماتحوي على كتابات تفصيلية تبين حدود
قطعة معينة؛ واحيانا صحاري المستلم كانت تسجل في سجلاتالشرف،
واخيرا كان المتجاوزون يهددون باقسى انواع اللعنات تخويفا. اما
مايتعلق بالزراعة والمواشي فهي اهم ما يجري الاهتمام به في هذه
المقاطعات وكانت الخيول تربى لعربات الحرب الخفيفة للفرسان.
كانت هناك تجارة تصدير في الخيول والعربات مقابل مواد
اولية. اما بالنسبة للملك فقد استمر النهج القائل بان
الحاكم ينبغي ان يتمتع بعقلية اجتماعية.
استمر انحدار الثقافة البابلية في نهاية العهد البابلي
القديم لبعض الوقت تحت الكيشين. وليس قبل 1420 حين قام
الكيشيون بتطوير نموذج مميز في الفن المعماري والنحت. ولقد
لعب كوريكالزو الاول دورا مهما وخاصة في اور، كنموذج لفن
البناء. تطور الشعر والادب العلمي تدريجيا بعد 1400 . ان
وجود الاعمال الاسبق تخلو من الشعر، وقوائم فقه اللغة
التاريخي، ومجموعات من الادعية والاشارات التي كانت موجودة
في القرن الرايع عشر او قبل ذلك والتي اكتشفت في عاصمة
الحيثيين حاتوسا في عاصمة اوغاريت السورية، وحتى ابعد من ذلك في
فلسطين. وبعد ذلك ظهرت كتابات جديدة: تشخيصات طبية ووصفات ،
والكثير من قوائم كلمات سومو- اكدية، ومجموعات من ادعية النجوم
وتعويذات غيرها واشارات مع ترجماتها. معظم تلك الاعمال تعرف
اليوم فقط من خلال النسخ التي تعود الى تواريخ احدث. اهمها
هي ملحمة الخلق البابلية التي تتحدث عن خلق العالم،
والمعروفة ب " اينوما إليش". والتي الفها شاعر غير معروف
ربما في القرن الرابع عشر، تتحدث عن قصة الاله مردوخ. بدأ
كإله بابل ثم رفع ليصبح ملكا على كل الالهه الآخرين بعد ان
نجح في تدمير طاقات الفوضى. كانت الملحمة ولحوالي 1000
عام تحكى خلال احتفالات رأس السنة في الربيع كجزء من عبادة
مردوخ في بابل. كان ادب هذه الفترة يحوي القليل من الكلمات
الكيشية. يعتقد العديد من الباحثين ان العمل الاساس الضروري لتطوير
الثقافة البابلية التالية كان قد وضع خلال العهد الكيشي الاخير.
بابل تحت حكم سلالة إسن الثانية:-
في سلسلة من الحروب العنيفة والتي لا يعرف عنها الكثير،
اسس "مردوخ كابت اهيشو" (1152 – 1135 ) ما صار يعرف ب
سلالة إسن الثانية. ولقد اجبر من خلفه على الاستمرار
بالقتال. اكثر ملوك هذه السلالة شهرة هو الملك نبوخذنصر
الاول
( نبو كودوري اوشور 1119 – 1098 ). حارب بصورة رئيسية ضد
عيلام، التس استولت ونهبت وخربت جزءا كبيرا من دولة بابل.
كان هجومه الاول قد اجهض بسبب وباء حل بقطعاته، ولكن في
حملة تالية استولى على سوسة، عاصمة عيلام وأعاد تمثال
الاله مردوخ الذي كان قد اخذ سابقا الى مكانه الحقيقي.
وبعد ذلك بقليل اغتيل ملك عيلام وتفرقت دولته ثانية الى
دويلات صغيرة. هذا مما سمح لنبوخذنصر من الاستدارة غربا
مستفيدا من سنوات السلام التالية لبدء مشاريع بناء مكثفة. واصبح
ابنه ملكا من بعده، ثم خلفه اخوه مردوخ نادن اهي (1093 – 1076 ).
بعد ان نجح اولا في حربه ضد آشور كان قد تلقى فيما بعد
اندحارا ثقيلا. لقد اجتاحت مجاعة ذات ابعاد كارثية من
القبائل الارامية وكانت الضربة القاضية. ولقد جنح اخلافه
الى السلام مع دولة آشور ولكن الدولة عانت الكثير من خلال
هجمات الآراميين والقبائل البدوية السامية الاخرى. وبالرغم
من ان بعض الملوك ظلوا يحتفظون بالقاب عظيمة، لكنهم لم
يكونوا قادرين على منع التفكك المستمر لامبراطوريتهم. ومن
ثم تبع ذلك حكم سلالة سيلاند ( 1020 – 1000 )، والذي تضمن
ثلاثة من مغتصبي الحكم. اول هؤلاء كان يحمل اسما كيشيا هو
سمبار – شيهو ( او سمبار – شيباك 1020 – 1003 ).
اصبحت السلالة الكيشية وعند نهاية حكمها بابلية الطابع
تماما. ان التغيير الى سلالة إسن، هو في الحقيقة توالي
ملوك من عوائل مختلفة، ولم يحدثوا تحولات ملموسة ورئيسة في
البنية الاجتماعية. بقي النظام الاقطاعي سائدا. وظهرت
مقاطعات جديدة في العديد من الاماكن من خلال العطايا الى
الضباط المستحقين؛ وعثر على العديد من احجار الحدود (كودوروس)
والتي تصف الحالة. اما مدن الدولة البابلية فقد استعادت الكثير من
استقلاليتها الاولية. المقاطعات الحدودية كانت تدار من قبل
حكام يعينون من القصر الملكي ليقوموا باعمال عسكرية
ومدنية.
كان هذه الفترة تعتبر فترة ابداع في مجال الفنون الادبية،
لذا فقد اعتبر البابليون الذين جاؤا فيما بعد عهد نبوخذنصر
الاول افضل العهود في التاريخ البابلي. احدى الملاحم
البطولية والتي صيغت في اطار الملاحم القديمة تحتفل باعمال
نبوخذنصر الاول ولكن للاسف لايتيسر منها الا القليل.
المواد الاخرى تستقى الشعر للنموذج من الاساطير القديمة.
ان شاعر النسخة التالية من اسطورة كلكامش، سن ليكي اونيني (
1150 - ؟) في اوروك، يعرف بالاسم. تعرف هذه النسخة من
الاسطورة بشعر الحبوب الاثنى عشر؛ وتحوي على 3.000 بيت. تمتاز
بتركيزها الكبير على الصفات الانسانية لكلكامش وصديقه انكيدو؛ ان
هذه النوعية تجعلها من افضل الاعمال الادبية في العالم.
وهناك شاعر مشهور آخر في حوالي نفس الفترة كتب شعرا من 480
بيتا سمي " لودلول بيل نيميكي" ( لامدح من يملك الحكمة).
الشعر فيه تاملات عن اعمال العدالة الالهية، والتي تظهر
احيانا غريبة وغير جلية فيما يخص معانات البشر؛ ان هذا
الموضوع اكتسب اهمية متزايدة في الديانات المعاصرة في
بابل. لقد شرح الشعر المعانات المتعددة الجوانب لاحد كبار
الموظفين وكيف تم انقاذه فيما بعد من قبل الاله مردوخ.
ان التقليل التدريجي لالهة السومرين الى حوالي 2000 إله من
خلال التعريف والتكامل لالهه بالاساس متميزين بواجبات
متشابهة ادى الى نمو عدد الالقاب او الاسماء المركبة للاله
الرئيس ( مردوخ مثلا، كان له 50 من تلك الاسماء) وبعد ذلك
كمفهوم "الاله" او "الالهه" باسماء متغيرة في العبادات في
المعابد الكبيرة. كان هناك نظرية لاهوتية في كيفية التعرف
على الالهه والتي كانت موثقة في قائمة الالهه بحقلين
بمئات الادخالات في نموذج " انزاك = نابو لجزيرة ديلمون
اضافة الى الكثير من التراتيل والصلوات في حينه او انشا
فيما بعد.
وكنتيجة للتمييز بين العدد الضخم من الذنوب المتنوعة، فان
مفهوم " اقتراف البشر الذنوب عالميا قد اصبح اكثر وضوحا في
هذه الفترة وما بعدها. وعليه فان كل البشر هم بحاجة الى
المغفرة التي يقدمها الارباب للعباد المخلصين.
مملكتي ميتاني والحرانيين
ان ضعف الدول السامية في بلاد مابين النهرين بعد 1550 سمح
للحرانيين من التغلغل عميقا في هذه المنطقة، حيث اسسوا
العديد من الدويلات الصغيرة في القسم الشرقي من الاناضول،
وبلاد مابين النهرين وسوريا. جاء الحرانيون من شمال غرب
ايران، ولكن الى وقت قريب لم يعرف عن تاريخهم القديم الا
القليل.
بعد العام 1500 ق م، ظهرت بعض السلالات المنعزلة ذات اسماء
هندو – ايرانية، واعتبرت اهمية ذلك مثار للجدال. ان وجود
المصطلحات الهندية القديمة في السجلات التالية حول تكاثر
الخيل واستخدام اسماء الالهة الهندية ( مثل اندرا و
فارونا) في بعض المصادر الموجزة للدولة قاد العديد من
الباحثين الى الافتراض بان مجموعات كبيرة من الاريان
والمنتسبين بالقربى الى الهنود اندفعوا الى الاناضول من
الشمال الشرقي. على اية حال فقد سجل لهم الفضل في اختراع
عربات القتال الخفيفة بالعجلات ذات المحاور الشعاعية. ان
هذا الاستنتاج لا يعني باية حال الحقيقة. لحد الان ليس من السهل
تحديد اعداد والتاثير السياسي والثقافي للاريانيين في الاناضول
وبلاد مابين النهرين مما له صلة بالحرانيين.
[b][font=Arial Black][size=25][color=Sienna]عد
1500 وبوقت ليس بالقصيرنشات مملكة ميتاني قرب منابع نهر
الخابور في بلاد مابين النهرين. ولما لا يتوفر اي سجل او
مخطوطات لملوكهم قد اكتشفت فلا يعرف الا القليل عن تطور
وتاريخ مملكة ميتاني قبل الملك توشراتا. عرفت امبراطورية
ميتاني من قبل المصريين باسم نهارينا، وغالبا ما حاربها ثوتموس
الثالث بعد 1460 ق م. وبحلول 1420 وسع ساوستاتار(ساوشاتار) ملك
مملكة ميتاني حدود مملكته من البحر المتوسط وحتى شمال جبال
زاغروس ، في غرب ايران، بضمنها الالاخ في شمال سوريا،
اضافة الىنوزي، كوروخاني، وارايخا. لم تثبت الحدود
الشمالية التي تقسم ميتاني من الحيثيين ودويلات الحرانيين
الاخرى، وحتى تحت حكم خليفة ساوستاتار الملك ارتاتاما
الاول و شوتارنا الثاني الذان زوجا ابنتيهما الى الفرعون
ثوتموس الرابع (1400 – 1390 ) وامينحوتب الثالث ( 1390 –
1353 ). كان توشراتا
( 1365 – 1330 )، ابن شوتارنا قادرا على ادامة حكم المملكة
التي ورثها لعدة سنوات. في بعض رسائله الطويلة – احداها
كتبت باللغة الحرانية – الى امينحوتب الثالث و اخيناتون (
1353 – 1336 )، كتب عن التجارة، ورغبته في الذهب، والزواج.
بعد ان اضعفتها الفتن الداخلية، اصبحت مملكة ميتاني رهينة
بين مملكتي الحثيين والآشوريين واللتين بدأتا بالازدهار.
كانت مملكة ميتاني دولة اقطاعية يقودها محاربين نبلاء من
اصول آرية او حرانية. كانت الخيول غالبا مايجري تكثيرها
على اراضيهم الشاسعة. الوثائق وعقود الاتفاقيات في سوريا
غالبا ماجاء فيها ذكر طائفة محاربي العربات والتي اشتملت
ايضا على الطبقات الاجتماعية العليا في المدن. غالبا
ماكانت العوائل الارستقراطية تتسلم ممتلكاتها كاملاك غير
قابلة لتحويل ملكيتها. ونتيجة لذلك، لا توجد وثائق تشير
الى بيع الاملاك في الارشيف الكبير للوثائق الاكدية وعثر على رسائل
في نوزي قرب كركوك. غالبا ماكانت هناك مراوغة والتفاف حول قرار
منع بيع الاراضي من الاملاك، وعلى اية حال فدائما بخدعة:
المالك السابق " يتبنى" الراغب بالشراء مقابل مبلغ ملائم
من المال. ان المالك الغني تيهيبتيلا كان قد تم تبنيه
حوالي 200 مرة، وقد كسب اراضي شاسعة من الاملاك بهذه
الطريقة دون تدخل من قبل سلطات الحكومة المحلية. ولقد حصل
على ثروته من التجارة ومن نظام الحقلين المنتجين بالزراعة (
حيث يزرع كل حقل مرة خلال السنتين). ولقد ظل الامير شيلوا
تيشوب ولمدة طويلة مسؤولا عن الادارة الحكومية الملكية في
عاصمة الولاية . كانت تربية الاغنام الاساس في الصناعات الصوفية،
والمنسوجات التي يجمعها القصر وتصدر بمقاييس كبيرة. كان المجتمع
مبنيا بناءا راقيا من خلال الطبقات، والصنوف والوظائف. وكانت
السلطة القضائية على غرار النظام البابلي، فقد كانت جيدة
التنظيم والوثائق تركز على السياق الصحيح.
المصادر المحلية عن الاديان لدى الحرانيين ومملكة ميتاني
محدودة ؛ اما عن اساطيرهم فالكثير عرف من خلال ارتباط
اساطير الحثيين وسكان اوغاريت بها. مثل بقية شعوب الشرق
الاوسط القديم، فقد عبد الحرانيون آلهة ذات منابع مختلفة.
ملك الآلهة كان اله الطقس تيشوب. وحسب الاسطورة فقد طرد
اباه كوماربي بقسوة وعنف، وفي هذا المجال فهو يمثل الاله
زيوس عند الاغريق الذي طرد اباه كرونوس. اما عربة القتال
للاله تيشوب فكانت تجرها الالهه الثور سيريس " نهار" و
هوريس "ليل". الملاجئ المقدسة لتيشوب كانت تقع في ارابخا (كركوك
حاليا) وفي حلب في سوريا. كانت زوجته في الشرق هي الالهة شاوشكا،
وفي الغرب الالهة هيبات، كلتاهما شبيهتان بعشتار عسترات عند
الساميين.
اما اله الشمس " شيميغي" واله القمر "كوشوه" والذي كانت
زوجته نيكال، نيكال عند السومريين، كانت من طبقة ادنى.
والاهم كان مكانة اله الحرب والعالم السفلي عند البابلين
"نيركال". كان قد اتفق على اله الحرب في شمالي سوريا
استابي والهة القسم عشارا منذ الالفية الثالثة ق م .
اضافة الى ذلك فالمزيد من الاهتمام كان قد خصص الى
المقدسات غير الشخصية